تمثل القوة مرتكزًا مهمًا من مرتكزات السياسة الخارجية قديمًا وحديثًا، ومن يبحث عن المكانة الدولية والاحترام الدولي وتعزيز النفوذ، عليه أن يركن إلى عنصر القوة بأشكالها، لذا ما كان من روسيا الاتحادية إلا أن توظف قوتها في سياستها الخارجية في كل من شبه جزيرة القرم، وسوريا، لتحقيق العديد من الأهداف السياسية، والأمنية، والاقتصادية، بالاعتماد على مقومات القوة التي تتمتع بها، لا سيما ترسانتها العسكرية، والقدرات النووية الكبيرة، فتلك المقومات سخرتها روسيا الاتحادية للتعزيز من دورها العالمي وظهورها كقوة كبرى تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على مناطق النفوذ في العالم، مع الدفاع عن مصالحها وحلفائها في أي بقعة من العالم.
ولا ننسى أنها الوريث الشرعي لأحد أقطاب النظام الدولي في القرن الماضي، وهو الاتحاد السوفيتي، والوارثة لمقعده في مجلس الأمن الدولي، ووفقًا لهذا المنطق، عمل قيصرها الجديد فلاديمير بوتين على انتهاج سياسة خارجية مغايرة لسياسة من سبقه، فيتبنى منهجًا براجماتيًا واقعيًا يأخذ بنظر الاعتبار المصالح الاقتصادية الروسية أولًا والحفاظ على الأمن القومي، هذه القيادة الشابة انتشلت روسيا من واقعها المنهار خلال حقبة الرئيس الأسبق بوريس يلتسن إلى دولة كبرى قادرة على منافسة الولايات المتحدة الأمريكية، فاستخدام القوة في سياسة روسيا الخارجية قد حقق لها الكثير من الإنجازات التي لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية. كذلك تطرق الكتاب إلى التحالفات التي قامت بها روسيا، سواء العسكرية أو الاقتصادية، وأولت اهتمامًا كبيرًا بهذه المنظمات والتكتلات في سياستها الخارجية، بهدف تحقيق المكانة الدولية، وإحداث تغيير في البنية الهيكلية للنظام الدولي، في حين لم يغفل الكتاب المحددات التي واجهت روسيا، والتي تساهم بشكل أو بآخر في تحجيم دورها العالمي، وتقف عائقًا أمام صعودها في النظام الدولي.