لقد ألَّفنا هذا الكتاب من أجل جميع الآباء والأمهات غير المثاليين الذين يهتمون بشدة بأمر أطفالهم (وكذلك غير المثاليين من الأجداد والجدات والمعلمين وأساتذة الجامعات وكل من يرعى أي طفل). ولدينا رسالة محورية واحدة تبعث على الراحة والأمل، وهي: عندما تكون غير متأكد من الطريقة التي ينبغي أن تتجاوب بها مع طفلك في موقف معين، لا تقلق، فدائمًا هناك شيء واحد يمكنك فعله، وهذا الشيء هو الأفضل على الإطلاق. فبدلًا من القلق أو محاولة الوصول إلى مستوى من المثالية، لا وجود له ببساطة؛ ما عليك سوى الوجود.
وما نعنيه بالوجود هو معناه البسيط، فهو يعني الوجود من أجل أطفالك. ويُقصد به الوجود الجسدي، وأن يكون ذلك الوجود ذا أثر نافع، فامنحهم ذلك الوجود عندما تلبِّي احتياجاتهم، وعندما تعبِّر لهم عن حبك، وعندما تهذِّبهم، وعندما تضحك معهم، بل عندما تتجادل معهم كذلك. ولا يلزمك أن تكون مثاليًّا، ولست مضطرًّا إلى قراءة جميع كتب التربية الأكثر رواجًا، أو أن تشركهم في جميع الأنشطة التي تعمل على إثرائهم. وليست هناك ضرورة إلى أن يتقاسم معك مسئولية التربية شخص آخر. ولا يلزمك أيضًا أن تكون على علم بما تفعله تحديدًا، وما عليك سوى الوجود.
ويعني الوجود حضورك الكامل - بوعيك وانتباهك - عندما تكون موجودًا مع طفلك، فعندما نكون موجودين مع أطفالنا يكون حضورنا معهم حضورًا ذهنيًّا ووجدانيًّا في تلك اللحظة؛ فلا مكان للماضي أو المستقبل، وليس هناك سوى اللحظة الراهنة - اللحظة الحالية - وعليك أن تتعلّم كيف تكون موجودًا بالطريقة التي تقوِّيك بدرجة كبيرة باعتبارك والدًا لأطفالك، وتعزز المرونة والقوة لدى طفلك. إن تأثير الوجود هو ما يمكِّننا من ترسيخ عقلية قادرة لدى أطفالنا - حتى لو كنا نُخفق بوتيرة منتظمة.