هذا الكتاب معرض للنشاط البشري، ومعرض في الوقت نفسه للأساليب الحاسمة والحجج الدامغة التي تفتقت عن أذهان الأحرار في كل العصور، فقد أقام الكتاب الحدود الفواصل بين ما ينبغي أن يكون لقيصر وما ينبغي أن يكون لله، فلنسترشد بهذه الحدود التي أقامتها عقول بريئة من التغرض، بصيرة بالمجتمع، قديرة على الفصل والتمييز.
وقد تتبع الأستاذ "بيورى" سيرة العقل في أوروبا مُنذ الإغريق حتى الآن، ونحن إذ نسير معه نرى مظاهر النشاط العقلي من علم وفن وفلسفة تصارع خصومها من ذوي السلطة الدينية والسلطة الزمنية فتصرعهم حينًا ويصرعونها حينًا آخر، ولكن البشرية قد شاء لها جهاد أبطالها أن يفوز العقل في النهاية وأن يستقر ثابت الأقدام في تلك البلاد التي بذلت دماءها في سبيل الحرية.