ليس من قبيل المبالغة القول أن خير كتاب أُخرج للناس في هذا العصر في اكتشاف الحضارات وعلم المصريات، هو كتاب «فجر الضمير» الذي وضعه الأستاذ «برستد» في عام ١٩٣٤، حيث يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول؛ بل فيها شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنساني وترعرع، وبها تكونت الأخلاق النفسية.
وقد تناول الكتاب تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية، إلى أن انطفأ قبس الحضارة في مصر حوالي عام ٥٢٥ ق م ، فمصر في نظره حسب الوثائق التاريخية التي وصلتنا عن العالم القديم إلى الآن، هي مهد حضارة العالم؛ وعن هذه الحضارة أخذ العبرانيون، ونقل الأوروبيون عن العبرانيين حضارتهم، وبذلك يكون الأستاذ «برستد» قد هدم بكتابه الخالد هذا، النظريات الراسخة في أذهان الكثيرين القائلة بأن الحضارة الأوروبية أخذت عن العبرانيين.