لقد انطلق المارد من محبسه بعد أن طال به البحث عن مخرج ينساب منه إلى عالم الحرية والنور، وأوشك حين طال به المقام في عالم العبودية والظلام، أن يحطم "القمقم" الذي احتواه وأن يخرج هائجاً هائماً على وجهه لا يبقى ولا يذر. لولا أن بعث أصحاب "القمقم" رسولاً منهم، هو اللورد لوي مونتباتن، فأدرك بنافذ بصيرته مدى الكارثة التي تهدد قومه إذا أصروا على استعباد الهند واستمرأوا المضي في احتلالها، وإذلال أهلها ومطاردة زعمائها والزج بهم خلف جدران السجون.
وهكذا قدر للهند المستعبدة أن تخرج إلى عالم الحرية والاستقلال، وقدر للمارد الحبيس أن ينطلق إلى العالم الذي طال حنينه إليه، وطال عذابه في انتظاره، وتعددت تضحياته الغالية في سبيله. ولم تكد تمضي على انطلاق المارد أشهر معدودات حتى أثبت للملأ أن الحبس الطويل في سجن الاستعمار لم يفل من عزيمته، ولم ينل من كرامته وقوته.
لقد توسلت بريطانيا إلى قادة الهند بكل نوع من أنواع التوسل أن يبادلوها صداقة بصداقة، وأن ينسوا فواجع الماضي وأخطاءه وتضحياته، ولكن ذاكرة المارد لم تستطع أن تنسى كل شيء، ومعدته لم تعد تحتمل أن تهضم كل شيء. وانحنى السجان القديم العتيد أمام إرادة المارد الجبار الذي انبعث من ظلام الشرق الأقصى،