ميل الإنسان إلى الفنون الجميلة فطري لا يختص به إنسان دون آخر، ولا يقتصر على الأمم الراقية دون الأمم الهمجية ولا ينفرد به عصر دون عصر، فالأمم التي كانت تعيش عيشة الفطرة الأولى كان الرجل فيها ينحت آلات صغيرة من الحجر بشكل منتظم ليستخدمها في حياته اليومية ، وكان يثقب الحصى والحجارة المستديرة الشكل فينظمها في عقود تتزين بها نسوته، وكان يحفر على الرماح الحجرية أشكالًا زخرفية تسر ناظره وتُثير إعجاب مواطنيه، وكان ينقش داخل الكهوف التي يأوي إليها صور الحيوان التي يقع تحت ناظريه في الجبال والأدغال المحيطة به وقد تدرج في الحفر والنقش، فلونها بألوان حمراء وسوداء وبيضاء، وقد عثر المنقبون على كثير من هذه الصور وتلك النقوش في كهوف كثيرة بإسبانيا وجنوب افريقيا.