إن الخبرة اليابانية في الإعمار وإعادة الإعمار بعد الخراب الذي سببته الحرب العالمية الثانية تجربة تستحق الدراسة والتدبر واستخلاص الدروس النافعة والعبر المفيدة منها، فهي بلا شك تجربة إنسانية فريدة من نوعها، وهي أهل لكل اهتمام. ومثل هذه الدراسة تكون أكثر فائدة للشعوب الناهضة التي تريد أن تبني لها ولأبنائها مستقبلاً واعداً، وهي لا تدري إلى أي وجهة تتجه وإلى أين تسير. وأن التجربة اليابانية مثال واضح على إمكانية البناء وتحقيق التقدم من دون أن يكون كل ذلك على حساب التضحية بالموروث، كما سنرى فيما سيأتي من فصول. وكلي أمل أن يسلط هذا الكتاب بعض الضوء على تلك التجربة الفريدة، وأن يشحذ همّة الآخرين من أصحاب الاهتمام والدراية بهذا الموضوع الحيوي في استكمال ما قد يحتوي عليه هذا الكتاب من نقص حول موضوع بلا شك لن يغطيه مؤلف واحد، وإنما هو في حاجة إلى تغطية من زوايا مختلفة تركز على بعض الجوانب بدقة وتفصيل أكثر من هذه المحاولة التي أردت منها لفت الانتباه إلى هذا الكنز الكبير من التجربة الإنسانية.